انار الحرائق

بسم الله الرحمن الرحيم


يمكن للحشرات الكريهة مثل الخنافس أن تحذر السلطات مبكرا من حرائق الغابات الكبيرة كالتي حدثت أخيرا في البرتغال. هذا في الأقل ما يعتقده الباحثون الألمان من العاصمة السابقة بون الذين يعملون على إنتاج جهاز استشعار من النيران يقلد جهاز الاستشعار البيولوجي عند الخنافس.
ويبدو أن فريق الباحثين من بون، وعلى رأسهم هيلموت شميتز، لاحظوا في حرائق البرتغال وغيرها كيف كانت الخنافس(التي تشبه الصراصير) أول الحيوانات التي تجمعت قرب مناطق النيران مقبلة من مسافات بعيدة عكس الكائنات الأخرى التي تلوذ بالفرار. ويقول شميتز إن العلماء لاحظوا كيف تجمع نوع معين من الخنافس المفترسة لأخشاب الأشجار في المناطق القريبة حال اندلاع النيران في المناطق الخطرة، فهذه الخنافس تعتاش على خشب الأشجار المحترق توا، تتغذى يرقاناتها على الخشب الأخضر المحترق، ولا تتوالد وتضع بيوضها إلا في الغابات المحترقة.

وتوصل العلماء إلى أن هذا النوع من الخنافس يتمتع بجهاز استشعار طبيعي حساس للحرائق يعمل بالأشعة فوق الحمراء وقادر على الكشف المبكر للحرائق عن مسافة عدة كيلومترات. وهي ميزة طبيعية يعتقد شميتز وزملاؤه أنهم قادرون على توظيفها في خدمة مكافحة حرائق الغابات.

وأفاد شميتز أن علماء الحشرات لا يعرفون الكثير عن جهاز الإنذار المبكر من الحرائق في هذه الخنافس السوداء من نوع Melanophila Acuminata. وواقع الحال فان الباحثين يعرفون منذ فترة أن هذه الخنافس قادرة على الاستشعار الحراري من بعد، لكنهم أخضعوها أخيرا للبحث الدقيق رغبة في كشف آلية عمل هذا الجهاز العصبي الحساس. وكشف الباحثون على سطح بطن الخنافس عن نوع من الأخاديد تحتوي على 80 فصا عصبيا للاستشعار الحراري. ويتكون كل فص استشعاري من كريات عصبية غاية في الحساسية تحميها «تروس» من مادة تشتين الصدفية. وتتولى هذه التروس الصدفية الرقيقة (سمكها لا يتجاوز واحدا من ألفي جزء من المليميتر) في «خنافس الحرائق» امتصاص الأشعة الحمراء الصادرة عن الحرارة بدقة ومن مسافات بعيدة.

وأكد شميتز أن هذه الخنافس عبارة عن جهاز إنذار حيوي متحرك من حرائق الغابات وقادرة، حسبما أثبتته التجارب المختبرية، على كشف حرائق الغابات الكبيرة من مسافة تتراوح بين 10 وكلم. وبعد بحث طويل نجح فريق العمل من جامعة بون في بناء جهاز إنذار صناعي يقلد جهاز الخنافس ويستخدم كجهاز للإنذار من حرائق الغابات. وتم تقليد التروس الصدفية الصغيرة من خلال تصنيع أقراص منمنمة من بلاستيك خاص يتمتع بحساسية كبيرة للأشعة فوق الحمراء.

وهناك نسخة أولى من الجهاز حاليا في بون يقول عنها شميتز إنها سهلة الاستعمال ولا تبلى بسرعة ولم تكلف سوى بين 2 و 3 يورو. ويأمل فريق العمل الرباعي في تحسين وتطوير عمل النسخة الأولية من الجهاز وصولا بها إلى كفاءة تعادل كفاءة جهاز الخنافس الاستشعاري بنسبة 100% خلال سنتين أو ثلاث.